فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



العامل في {يَوْمٍ} ماذا؟ فيه وجوه: الأول: ما أنا بظلام مطلقًا.
والثاني: الوقت، حيث قال ما أنا يوم كذا، ولم يقل: ما أن بظلام في سائر الأزمان، وقد تقدم بيانه، فإن قيل فما فائدة التخصيص؟ نقول النفي الخاص أقرب إلى التصديق من النفي العام لأن المتوهم ذلك، فإن قاصر النظر يقول: يوم يدخل الله عبده الضعيف جهنم يكون ظالمًا له، ولا يقول: بأنه يوم خلقه يرزقه ويربيه يكون ظالمًا، ويتوهم أنه يظلم عبده بإدخاله النار، ولا يتوهم أنه يظلم نفسه أو غير عبيده المذكورين، ويتوهم أنه من يدخل خلقًا كثيرًا لا يجوزه حد، ولا يدركه عد النار، ويتركهم فيها زمانًا لا نهاية له كثير الظلم، فنفى ما يتوهم دون ما لا يتوهم، وقوله: {هَلِ امتلأت} بيان لتصديق قوله تعالى: {لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ}، وقوله: {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} فيه وجهان: أحدهما: أنه لبيان استكثارها الداخلين، كما أن من يضرب غيره ضربًا مبرحًا، أو يشتمه شتمًا قبيحًا فاحشًا، ويقول المضروب: هل بقي شيء آخر!، ويدل عليه قوله تعالى: {لأْمْلاَنَّ} لأن الامتلاء لابد من أن يحصل، فلا يبقى في جهنم موضع خال حتى تطلب المزيد.
والثاني: هو أنها تطلب الزيادة، وحينئذ لو قال قائل فكيف يفهم مع هذا معنى قوله تعالى: {لأَمْلاَنَّ}؟ نقول: الجواب: عنه من وجوه: أحدها: أن هذا الكلام ربما يقع قبل إدخال الكل، وفيه لطيفة، وهي أن جهنم تتغيظ على الكفار فتطلبهم، ثم يبقى فيها موضع لعصاة المؤمنين، فتطلب جهنم امتلاءها لظنها بقاء أحد من الكفار خارجًا، فيدخل العاصي من المؤمنين، فيبرد إيمانه حرارتها، ويسكن إيقانه غيظها فتسكن، وعلى هذا يحمل ما ورد في بعض الأخبار، أن جهنم تطلب الزيادة حتى يضع الجبار قدمه، والمؤمن جبار متكبر على ما سوى الله تعالى ذليل متواضع لله.
الثاني: أن تكون جهنم تطلب أولًا سعة في نفسها، ثم مزيدًا في الداخلين لظنها بقاء أحد من الكفار.
الثالث: أن الملء له درجات، فإن الكيل إذا ملىء من غير كبس صح أن يقال: ملىء وامتلأ، فإذا كبس يسع غيره ولا ينافي كونه ملآن أو لا، فكذلك في جهنم ملأها الله ثم تطلب زيادة تضييقًا للمكان عليهم وزيادة في التعذيب، والمزيد جاز أن يكون بمعنى المفعول، أي هل بقي أحد تزيد به. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَقال قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)}.
قوله تعالى: {وَقال قَرِينُهُ} يعني الملَك الموكّل به في قول الحسن وقتادة والضحاك.
{هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} أي هذا ما عندي من كتابة عمله مُعَدّ محفوظ.
وقال مجاهد: يقول هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرت ديوان عمله.
وقيل: المعنى هذا ما عندي من العذاب حاضر.
وعن مجاهد أيضًا: قرينه الذي قيّض له من الشياطين.
وقال ابن زيد في رواية ابن وهب عنه: إنه قرينه من الإنس، فيقول الله تعالى لقرينه: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} قال الخليل والأخفش: هذا كلام العرب الفصيح أن تخاطب الواحد بلفظ الإثنين فتقول: ويلك ارحلاها وازجراها، وخذاه وأطلقاه للواحد.
قال الفرّاء: تقول للواحد قُوما عنا، وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان فجرى كلام الرجل على صاحبيه، ومنه قولهم للواحد في الشعر: خليلي، ثم يقول: يا صاح.
قال امرؤ القيس:
خَلِيليَّ مُرَّا بِي على أُمِّ جُنْدَبِ ** نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفؤادِ المُعَذَّبِ

وقال أيضًا:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ ** بِسَقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

وقال آخر:
فإِنْ تَزْجُرانِي يابنَ عَفَّانَ أَنْزَجِرْ ** وإنْ تَدَعاني أَحْمِ عِرْضًا مُمنَّعَا

وقيل: جاء كذلك لأن القرين يقع للجماعة والاثنين.
وقال المازني: قوله: {أَلْقِيَا} يدل على أَلْقِ أَلْقِ.
وقال المبرد: هي تثنية على التوكيد، المعنى أَلْقِ أَلْقِ فناب {أَلْقِيَا} مناب التكرار.
ويجوز أن يكون {أَلْقِيَا} تثنية على خطاب الحقيقة من قول الله تعالى يخاطب به الملَكين.
وقيل: هو مخاطبة للسائق والحافظ.
وقيل: إن الأصل ألْقِينْ بالنون الخفيفة تقلب في الوقف ألفًا فحمل الوصل على الوقف.
وقرأ الحسن {أَلْقَيْنَ} بالنون الخفيفة نحو قوله: {وَلَيَكُونًا مِّن الصاغرين} [يوسف: 32] وقوله: {لَنَسْفَعًا} [العلق: 15].
{كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} أي معاند؛ قاله مجاهد وعكرمة.
وقال بعضهم: العنيد المعرض عن الحق؛ يقال عَنَدَ يَعنِد بالكسر عُنُودًا أي خالف وردّ الحق وهو يعرفه فهو عَنِيد وعاند، وجمع العَنِيد عُنُد مثل رغِيف ورُغُف.
{مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} يعني الزكاة المفروضة وكل حقّ واجب.
{مُعْتَدٍ} في منطقه وسيرته وأمره؛ ظالم.
{مُّرِيبٍ} شاكٍّ في التوحيد؛ قاله الحسن وقتادة.
يقال: أراب الرجلُ فهو مُرِيب إذا جاء بالريبة.
وهو المشرك يدل عليه قوله تعالى: {الذي جَعَلَ مَعَ الله إلها آخَرَ}.
وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة.
وأراد بقوله: {مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} أنه كان يمنع بني أخيه من الإسلام.
{فَأَلْقِيَاهُ فِي العذاب الشديد} تأكيد للأمر الأول.
{قال قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ} يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر العنيد تبرأ منه وكذّبه.
{ولكن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ} عن الحق وكان طاغيًا باختياره وإنما دعوته فاستجاب لي.
وقرينه هنا هو شيطانه بغير اختلاف.
حكاه المهدوي.
وحكى الثعلبي قال ابن عباس ومقاتل: قرينه الملك؛ وذلك أن الوليد بن المغيرة يقول للملَك الذي كان يكتب سيئاته: ربِّ إنه أعجلني، فيقول الملَك: ربنا ما أطغيته أي ما أعجلته.
وقال سعيد بن جبير: يقول الكافر ربّ إنه زاد عليّ في الكتابة، فيقول الملَك: ربنا ما أطغيته أي ما زدت عليه في الكتابة؛ فحينئذ يقول الله تعالى: {لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ} يعني الكافرين وقرناءهم من الشياطين.
قال القشيري: وهذا يدل على أن القرين الشيطان.
{وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد} أي أرسلت الرسل.
وقيل: هذا خطاب لكل من اختصم.
وقيل: هو للاثنين وجاء بلفظ الجمع.
{مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ} قيل هو قوله: {مَن جَاءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بالسيئة فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا} [الأنعام: 160] وقيل هو قوله: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13].
وقال الفرّاء: ما يكذب عندي أي ما يزاد في القول ولا ينقص لعلمي بالغيب.
{وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} أي ما أنا بمعذِّب من لم يُجرم، قاله ابن عباس.
وقد مضى القول في معناه في (الحج) وغيرها.
قوله تعالى: {يَوْمَ نَقول لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقول هَلْ مِن مَّزِيدٍ}.
قرأ نافع وأبو بكر {يَوْمَ يَقول} بالياء اعتبارا بقوله: {لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ}.
الباقون بالنون على الخطاب من الله تعالى وهي نون العظمة.
وقرأ الحسن {يَوْمَ أَقول}.
وعن ابن مسعود وغيره {يَوْمَ يُقال}.
وانتصب {يَوْم} على معنى ما يبدّل القول لديّ يومَ.
وقيل: بفعل مقدر معناه: وأنذرهم {يَوْمَ نَقول لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت} لما سبق من وعده إياها أنه يملؤها.
وهذا الاْستفهام على سبيل التصديق لخبره، والتحقيق لوعده، والتقريع لأعدائه، والتنبيه لجميع عباده.
{وتَقول} جهنم {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} أي ما بقي فيّ موضع للزيادة.
كقوله عليه السلام: «هل تَرَك لنا عَقِيل من رَبْع أو منزل» أي ما ترك؛ فمعنى الكلام الجحد.
ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الاستزادة؛ أي هل من مزيد فأزداد؟.
وإنما صلح هذا للوجهين؛ لأن في الاستفهام ضربًا من الجحد.
وقيل: ليس ثَمَّ قول وإنما هو على طريق المثل؛ أي أنها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة بذلك؛ كما قال الشاعر:
امتلأَ الحوضُ وقال قَطْنِي ** مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلأْتَ بَطْنِي

وهذا تفسير مجاهد وغيره.
أي هل فيّ من مسلك قد امتلأت.
وقيل: يُنطق الله النار حتى تقول هذا كما تنطق الجوارح.
وهذا أصح على ما بيناه في سورة (الفُرقان).
وفي صحيح مسلم والبخاري والترمذيّ عن أنس بن مالك: عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال جهنم يُلْقَى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع ربُّ العزة فيها قَدَمه فيَنْزَوِي بعضها إلى بعض وتقول قَطْ قَطِ بعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فَضلٌ حتى يُنشىءَ الله لها خلقًا فيسكنَهم فَضْلَ الجنة» لفظ مسلم.
وفي رواية أخرى من حديث أبي هريرة: «وأما النار فلا تمتلىء حتى يضع الله عليها رِجْله يقول لها قَطْ قَطْ فهنالك تمتلىء ويَنْزَوِي بعضها إلى بعض فلا يظلم الله من خلقه أحدًا وأما الجنة فإن الله ينشىء لها خلقًا» قال علماؤنا رحمهم الله: أما معنى القَدم هنا فهم قوم يُقدِّمهم الله إلى النار، وقد سبق في علمه أنهم من أهل النار.
وكذلك الرِّجْل وهو العدد الكثير من الناس وغيرهم؛ يقال: رأيت رِجْلًا من الناس ورِجْلًا من جَرَاد، قال الشاعر:
فمرَّ بنا رِجْلٌ من الناس وانْزَوَى ** إليهم من الحيِّ اليمانينَ أَرْجُلُ

قبائلُ من لَخْمٍ وعُكْلٍ وحِمْيَرٍ ** على ابني نِزارٍ بالعَدَاوة أحْفَلُ

ويبين هذا المعنى ما روي عن ابن مسعود أنه قال: ما في النار بيت ولا سلسلة ولا مِقمَع ولا تابوت إلا وعليه اسم صاحبه، فكل واحد من الخزنة ينتظر صاحبه الذي قد عرف اسمه وصفته، فإذا استوفى (كل واحد منهم) ما أمر به وما ينتظره ولم يبق منهم أحد قال الخزنة: قَطْ قَطْ حسبُنا حسبنا أي اكتفينا اكتفينا، وحينئذ تنزوي جهنم على من فيها وتنطبق إذ لم يبق أحد ينتظر.
فعبّر عن ذلك الجمع المنتظر بالرِّجل والقَدَم؛ ويشهد لهذا التأويل قوله في نفس الحديث: «ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىءَ الله لها خلقًا فيسكنهم فضل الجنة» وقد زدنا هذا المعنى بيانًا ومهدناه في كتاب الأسماء والصفات من الكتاب الأسنى والحمد لله.
وقال النضر بن شُمَيْل في معنى قوله عليه السلام: «حتى يَضَع الجبَّار فيها قَدمَه» أي من سبق في علمه أنه من أهل النار. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَقال قَرِينُهُ} أي شيطانه المقيض له في الدنيا كما قال مجاهد، وفي الحديث «ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير» {هذا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ} إشارة إلى الشخص الكافر نفسه أي هذا ما عندي وفي ملكتي عتيد لجهنم قد هيأته لها بإغوائي وإضلالي، ولا ينافي هذا ما حكاه سبحانه عن القرين في قوله تعالى الآتي: {وَقال قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} [ق: 27] لأن هذا نظير قول الشيطان: {وَلاَضِلَّنَّهُمْ} [النساء: 119] وقوله: {وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} [إبراهيم: 22] وذاك نظير قوله: {وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ} [إبراهيم: 22].
وقال قتادة وابن زيد: قرينه الملك الموكل بسوقه يقول مشيرًا إليه: هذا ما لدى حاضر، وقال الحسن: هو كاتب سيئاته يقول مشيرًا إلى ما في صحيفته أي هذا مكتوب عندي عتيد مهيأ للعرض، وقيل: قرينه هنا عمله قلبًا وجوارح وليس بشيء، و{مَا} نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد أوموصولة والظرف صلتها و{عَتِيدٌ} خبر بعد خبر لاسم الإشارة أو خبر لمبتدأ محذوف، وجوز أن يكون بدلًا من {مَا} بناء على أنه يجوز إبدال النكرة من المعرفة وإن لم توصف إذا حصلت الفائدة بإبدالها، وأما تقديره بشيء عتيد على أن البدل هو الموصوف المحذوف الذي قامت صفته مقامه أو إن {مَا} الموصولة لإبهامها أشبهت النكرة فجاز إبدالها منها فقيل عليه إنه ضعيف لما يلزم الأول من حذف البدل وقد أباه النحاة، والثاني لا يقول به من يشترط النعت فهو صلح من غير تراضي الخصمين.
وقرأ عبد الله {عتيدًا} بالنصب على الحال.
{أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ} خطاب من الله تعالى للسائل والشهيد بناء على أنهما اثنان لا واحد جامع للوصفين أو للملكين من خزنة النار أو لواحد على أن الألف بدل من نون التوكيد على إجراء الوصل مجرى الوقف، وأيد بقراءة الحسن {القين} بنون التوكيد الخفيفة، وقيل: إن العرب كثيرًا ما يرافق الرجل منهم اثنين فكثر على ألسنتهم أن يقولوا خليلي وصاحبي وقفًا واسعدا حتى خاطبوا الواحد خطاب الإثنين، وما في الآية محمول على ذلك كما حكى عن الفراء أو على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل بأن يكون أصله ألق ألق ثم حذف الفعل الثاني وأبقى ضميره مع الفعل الأول فثنى الضمير للدلالة على ما ذكر كما في قوله:
فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر ** وإن تدعاني أحم عرضًا ممنعا

وحكى ذلك عن المازني والمبرد ولا يخفى بعده، ولينظر هل هو حقيقة أو مجاز والأظهر أنه خطاب لإثنين وهو المروي عن مجاهد وجماعة، وأيًا كان فالكلام على تقدير القول كما مر، والإلقاء طرح الشيء حيث تلقاه أي تراه ثم صار في التعارف اسمًا لكل طرح أي اطرحا في جهنم كل مبالغ في الكفر للمنعم والنعمة {جَبَّارٍ عَنِيدٍ} مبالغ في العناد وترك الانقياد للحق، وقريب منه قول الحسن: جاحد متمرد، وقال قتادة: أي منحرف عن الطاعة يقال: عند عن الطريق عدل عنه، وقال السدي: المشاق من العند وهو عظم يعرض في الحلق، وقال ابن بحر: المعجب بما عنده.
{مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ} مبالغ في المنع للمال عن حقوقه المفروضة، قال قتادة ومجاهد وعكرمة: يعني الزكاة، وقيل: المراد بالخير الإسلام فإن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة كان يقول لبني أخيه: من دخل منكم في الإسلام لم أنفعه بشيء ما عشت، والمبالغة باعتبار كثرة بني أخره أو باعتبار تكرر منعه لهم.